blog-details

ما هو العمل العميق؟ 7 طرق للاستفادة منه في زيادة الإنتاجية -الجزء الأول

العمل العميق هو حالة من التركيز الشديد تتيح لك تعلُّم الأشياء الصعبة وإنتاج عمل عالي الجودة بسرعة.

أول من صاغ مصطلح العمل العميق هو أستاذ علوم الكمبيوتر كال نيوبورت (Cal Newport)، الذي يقول إنَّه لكي نكون منتجين حقاً، ينبغي لنا التوقف عن استعمال جميع أدوات التواصل عدة ساعات في اليوم من أجل الحفاظ على تركيزنا، وفي هذا المقال، نستكشف فوائد العمل العميق ونقدم 7 طرائق لمساعدتك على الاستفادة من العمل العميق في حياتك اليومية.

يختلي بيل جيتس (Bill Gates)، أحد مؤسسي شركة مايكروسوفت (Microsoft)، بنفسه في كوخ في الغابة مرتين في السنة للقراءة والتفكير العميق فقط، وخلال ما أطلق عليه "أسابيع التفكير"، يعزل جيتس نفسه تماماً عن العالم الخارجي، وهذا يعني عدم وجود بريد إلكتروني أو مكالمات هاتفية أو اتصال بالإنترنت، إنَّه وحده ومجموعة من الأوراق من موظفي مايكروسوفت تعرض ابتكارات أو استثمارات جديدة.

يزيل جيتس جميع المشتتات من محيطه من أجل إعطاء الأولوية للعمل العميق، وهو حالة من التركيز تعزز الإبداع، ومن الواضح أنَّه نجح في ذلك، فقد أدى العمل في "أسابيع التفكير" إلى ابتكارات مثل إطلاق مستعرض الإنترنت في عام 1995.

لكنَّك لست مضطراً إلى الذهاب إلى كوخ في الغابة للاستفادة من العمل العميق، tفي حين أنَّ معظم الناس لا يستطيعون ترك العمل أيام أو أسابيع، يمكنك دمج العمل العميق في روتينك اليومي من خلال بعض الممارسات البسيطة.

ما هو العمل العميق؟

يُعرِّف نيوبورت العمل العميق في كتابه "العمل العميق: قواعد للنجاح في التركيز في عالم مليء بالمشتتات" (Deep Work: Rules for Focused Success in a Distracted World) بأنَّه حالة من التركيز الخالي من المشتتات، يعمل فيه دماغك بكامل طاقته، ببساطة، تقترح نظرية العمل العميق أنَّه لكي نكون منتجين بحق، ينبغي لنا التوقف عن استعمال جميع أدوات التواصل والعمل دون انقطاع لفترات طويلة من الوقت كل يوم، ولكن إذا كنت غير قادر على فعل ذلك، فحاول تخصيص 60-90 دقيقة متواصلة خالية من المشتتات.

فوائد العمل العميق

العمل العميق مفيد لسببين: فهو يساعدك على تجنب المشتتات ويعيد برمجة دماغك لمساعدتك على تعلم الأشياء الصعبة بشكل أسرع حتى تتمكن من إنجاز عمل أفضل في وقت أقل، إليك كيف ذلك:

1. تجنُّب المشتتات

إنَّ القضاء على المشتتات هو عنصر أساسي في العمل العميق، وذلك لسبب وجيه، فعندما تتنقل بين المهام، مثل التحقق من هاتفك في أثناء صياغة مقترح مشروع، يعلق جزء من اهتمامك في المهمة السابقة.

لذلك، حتى عند العودة إلى الكتابة، يظل جزء من دماغك يفكر في رسالة نصية رأيتها للتو، وتُعرف هذه الظاهرة باسم بقايا الانتباه، وتبعاتها مكلفة جداً، فقد أظهرت الأبحاث أنَّ الأمر قد يستغرق أكثر من 20 دقيقة لاستعادة الزخم بعد المقاطعة، لذلك إذا تحققت من هاتفك مرتين في الساعة، فهذا يعني فقدان ثلثي وقت تركيزك.

2. إعادة برمجة الدماغ

العمل العميق هو أفضل طريقة لتعلم مهارات جديدة بسرعة، فعندما تركز بشدة، يرسِّخ دماغك مسارات التعلم ويعزِّز الروابط بين الخلايا العصبية بحيث يمكنها العمل بشكل أسرع، وهذا يعني أنَّك عندما تركز بشدة على مهارة معينة، فأنت تعيد برمجة دماغك لمساعدتك على أداء تلك المهارة بكفاءة أكبر، إضافة إلى ذلك، تشير الأبحاث إلى أنَّ إعادة البرمجة هذه لا يمكن أن تحدث إلا عندما تركز على مهمة واحدة فقط مع تجنب المشتتات (بمعنى آخر، عندما تعمل بعمق).

ما أهمية العمل العميق؟

لا تمنحك القدرة على العمل بعمق ميزة في مكان العمل الحديث فحسب، بل إنَّها تضيف أيضاً الرضى والمعنى لمهامك اليومية.

إليك كيف يمكن للعمل العميق أن يعزز أداء عملك ويثري حياتك اليومية:

1. تحسين جودة العمل

عندما تعمل بعمق، يمكنك تعلم موضوعات صعبة وإنتاج عمل جيد بسرعة، وهما مهارتان يمكنهما تهيئتك (أنت وفريقك) للنجاح في مكان العمل الحديث.

تعلُّم الأشياء الصعبة بسرعة:

التعلم هو جزء أساسي من أي وظيفة، بصرف النظر عن مجالك، على سبيل المثال، يحتاج مدير تكنولوجيا المعلومات إلى تعلم كيفية استكشاف الأخطاء وإصلاحها، ويحتاج المحاسب إلى تعلم قانون الضرائب، ويحتاج مهندس البرمجيات إلى تعلم لغات برمجة جديدة، بهذه الطريقة، تجعل القدرة على اكتساب مهارات جديدة من خلال العمل العميق منك مورداً ثميناً.

إنتاج عمل عالي الجودة بسرعة:

تعلم مهارات جديدة أمر، وتحقيق نتائج عالية الجودة أمر آخر، فتساعدك هذه القيمة الثانية للعمل العميق على الاستفادة من تلك المهارات لتحقيق تأثير إيجابي، على سبيل المثال، يساعد التركيز العميق مدير المشروع على تعلم كيفية كتابة مقترح مشروع، ثم إنشاء عرض تقديمي مفصَّل يساعد على تأمين التمويل لمبادرة جديدة.

2. ندرة العمل العميق

بحسب البحوث، ينفق العاملون في مجال المعرفة 60% من وقتهم في التنسيق بدلاً من المهام الاستراتيجية التي تتطلب مهارة، ويتيح هذا التحيز نحو العمل السطحي بدلاً من الإنتاجية الحقيقية فرصة للفرق التي تعطي الأولوية للتركيز في العمل لتحقيق نتائج أفضل من منافسيها.

على الرغم من أنَّ العمل العميق نادر، إلا أنَّه يجب ألا يكون هكذا، فثمة خطوات ملموسة يمكنك اتخاذها لمساعدة فريقك على العمل بعمق، من خلال إزالة العقبات أمام مهامهم التي تستغرق وقتاً طويلاً، وتوضيح أولويات العمل، وزيادة وضوح الرؤية للفريق، وإذا لم تفعل ذلك بعد، فتأكد من:

  • تحديد معايير التواصل.
  • تبسيط العمل في أداة واحدة.
  • جدولة الاجتماعات.

3. تعزيز الرضى

العمل العميق ليس مجرد طريقة لزيادة إنتاجيتك فحسب، فهو يمنحك إحساساً بالرضى أيضاً، ويرجع ذلك إلى أنَّ العمل العميق هو نوع من "حالة التدفق"، وهي حالة ذهنية مجزية في حدِّ ذاتها وتوفر توازناً مثالياً بين المهارات والتحديات.

إضافة إلى ذلك، فإنَّ التركيز العميق يساعدك على إفادة العالم وابتكار أشياء ذات أهمية، والتي تمنحك بدورها مستوى جديداً من الرضى عن حياتك العملية، وتشير الأبحاث العصبية إلى أنَّ إدراكك للعالم يتشكل من خلال ما تركز انتباهك عليه، لذا، عندما تقضي وقتاً في العمل العميق، يمتلئ عالمك بالمعنى والأهمية.

7 طرائق للاستفادة من العمل العميق

يشبه عقلك العضلة، وهذا يعني أنَّك تستطيع بناء قدرتك على العمل العميق بالممارسة والمثابرة مع مرور الوقت.

إليك 7 طرائق للاستفادة من العمل العميق:

1. اختيار فلسفة العمل العميق

لكي تعمل بعمق، تحتاج إلى خطة تناسب جدول عملك؛ لذا حدد نيوبورت في كتابه أربعة أساليب مختلفة (أو فلسفات) لاتباعها عند اتخاذ قرار بشأن كيفية جدولة عملك العميق، واعتماداً على نمط حياتك، قد تكون بعض الأساليب أفضل من غيرها:

الفلسفة الإيقاعية:

مع هذا الأسلوب، عليك إنشاء عادة وإيقاع منتظم للعمل العميق، من خلال تخصيص كتل زمنية مدتها ساعة إلى أربع ساعات للتركيز في نفس الوقت كل يوم، وعند جدولة الوقت للعمل العميق، ضع في حسبانك أنَّ معظم الناس لا يستطيعون الاستمرار أكثر من أربع ساعات في العمل العميق في اليوم.

على سبيل المثال، يمكنك جدولة الوقت للعمل العميق بين الساعة 8-10 صباحاً كل يوم من أيام الأسبوع، والمفتاح لهذه الاستراتيجية هو الالتزام، والذي يمكنك تحقيقه من خلال الالتزام بمدة زمنية معينة من العمل العميق كل يوم، ولتنفيذ هذه الاستراتيجية بفاعلية، جرِّب تقنيات إدارة الوقت التي تكمِّلها، مثل تقسيم الوقت.

الفلسفة الصحفية:

هذه الطريقة هي الأكثر مرونة وتسمح لك بدمج العمل العميق أينما أمكن في جدولك الزمني، على سبيل المثال، يمكنك جدولة وقت للعمل العميق عندما يكون لديك 90 دقيقة على الأقل بين الاجتماعات.

ضع في حسبانك أنَّ هذا الأسلوب يتطلب منك التبديل إلى وضع العمل العميق حسب الرغبة، الأمر الذي قد يكون صعباً على المبتدئين، وإذا كنت قد بدأت للتو ولديك جدول اجتماعات يمكن التنبؤ به، فقد تكون الفلسفة الإيقاعية أفضل لك. 

الفلسفة الرهبانية:

مع هذا الأسلوب، عليك إلغاء العمل السطحي أو تقليله بشكل كبير في جميع جوانب حياتك، على سبيل المثال، يتجنب كاتب الخيال العلمي نيل ستيفنسون (Neal Stephenson) البريد الإلكتروني وإلقاء الخطب للتركيز على الكتابة، وهذا يعني أنَّه من الصعب تقليده، فهو غزير الإنتاج، فلديه أكثر من 80 عملاً باسمه، فإذا كنت ترغب في تنفيذ الفلسفة الرهبانية في العمل، فكر في استراتيجيات إدارة الوقت التي تقلل من المشتتات.

الفلسفة الثنائية:

تتطلب هذه الطريقة تقسيم وقتك، مع تخصيص فترات طويلة (يوم كامل على الأقل) للعمل العميق وبقية الوقت لكل شيء آخر.

الفلسفة الثنائية هي نسخة أكثر مرونة من الفلسفة الرهبانية، أي بدلاً من إلغاء العمل السطحي تماماً، يمكنك قضاء يوم أو أكثر في العمل العميق ثم العودة إلى التزاماتك الأخرى، ومن الأمثلة الجيدة عن ذلك "أسابيع التفكير" التي ذكرناها في المقدمة، عندما يختلي بيل جيتس بنفسه في كوخ في الغابة مرتين في السنة للقراءة وتوليد الأفكار.

في الختام

لقد تحدَّثنا في الجزء الأول من المقال عن تعريف العمل العميق وفوائده وأهميته، وتكلَّمنا عن طريقة واحدة من الطرائق السبع المتبعة للاستفادة من العمل العميق في زيادة الإنتاجية، وسنتابع الحديث في الجزء الثاني والأخير عن باقي الطرائق.

کن على إطلاع بأحدث المتسجدات

اشترك واحصل على أخر المقالات والأبحاث والمنتجات التي تجعلك أقوى من أي وقت مضى.
to-top
footer1

is

illaf-train

Business.©2025